قواعد جديدة من أجل الحصول على جواز السفر الالماني يأتي هذا مع إصلاح قانون الجنسية الذي يطال بشكل أساسي المقاتلين الإرهابيين ومتعددي الزوجات ومزوري الهوية الأصلية. فيما يلي لمحة عن التغييرات وأبرز ردود الأفعال.
أولا: الألمان الذين شاركوا بالقتال في صفوف ميليشيا إرهابية يجب تجريدهم من الجواز الألماني مستقبلا إذا كانوا يحملون جنسية إضافية.
موقف الحكومة الألمانية يفيد أن الشخص الذي يلتحق مثلا بتنظيم داعش ” ابتعد عن ألمانيا وقيمها الأساسية”.
وبهذا الإصلاح يريد التحالف الحكومي في برلين ردع من انتقلوا إلى مناطق تنظيم داعش الإرهابي وكذلك مساندي هذا التنظيم الحاملين لجواز مزدوج. وما يُسمى “تنظيم عملية التجريد” يترجم تفاهما من اتفاقية التحالف مرتبطة بشكل واضح بالعمليات القتالية في المستقبل ولا يمكن تطبيقها بشكل رجعي. كما أنها لا تنطبق على من ليسوا في سن الرشد. وبسبب الصدمة من العدد الكبير من المواطنين الألمان الذين التحقوا في الماضي بالتنظيم الإرهابي، أرادت الحكومة الألمانية في البداية فقط تعديل هذه الفقرة في قانون الجنسية الألمانية.
وكنموذج كانت بريطانيا وأستراليا حيث سُحب الجواز الآن من جهاديين في صفوف التنظيمات الإرهابية. شتيفان تومي، نائب رئيس الكتلة النيابية للحزب الليبرالي الديمقراطي يحذر “من سباق للدول يفسخ الاعتراف بالجنسية أولا ويبعد نفسه بذلك عن المسؤولية”. أما فليس بولات، المتحدثة باسم الخضر لسياسة الهجرة والاندماج فهي تخشى من حصول مشاكل في الملاحقة الجنائية إذ تقول: “جرائم القانون الدولي وخرقات كبيرة لحقوق الإنسان من قبل مقاتلين ألمان في صفوف داعش قد تبقى بدون عقاب”. وقانون الجنسية الألمانية ليس هو الإطار الصحيح لهذا النوع من الأعمال، بل ” القانون الجنائي الدولي أو القانون الجنائي الألماني”.
ثانيا: حرمان الأجنبي المتعدد الزوجات من الحصول على الجنسية و جواز السفر الالماني
تعدد الزوجات محظور في ألمانيا. فالقانون الجديد يريد منع تعدد الزيجات أي أن يحصل أشخاص على الجنسية الألمانية وهم متزوجون عدة مرات في الخارج. ويقول نائب رئيس الكتلة النيابية لحزبي الاتحاد المسيحي، تورستن فراي بأنه “في حال وجود زيجات متعددة وتوجد إشارات واضحة على عدم الانسجام مع ظروف العيش الألمانية، فلا يمكن منح الجواز الألماني”.
وحتى ليندا تويتبيرغ، الأمينة العامة للحزب الليبرالي الديمقراطي لا ترى تعدد الزيجات في انسجام مع قيم المجتمع الألماني. أما دانييل تيم، أستاذ القانون وخبير قانون الهجرة في كونستانس فينتقد بأن المشرع يضخم مشاكل مثل تعدد الزيجات التي لا يوجد منها إلا أعداد قليلة “لتتحول إلى مشكلة تقسم المجتمع”.
ثالثا: يمكن للسلطات سحب الجنسية حتى بعد مرور عشر سنوات في حال الإدلاء بمعطيات غير مكتملة أو خاطئة.
حسب تقييم الشرطة قام نحو ثلث الأشخاص خلال أزمة اللجوء في عام 2015 بتقديم جواز سفر خاص به. وعند التدقيق في عينات عشوائية ابتداء من 2016 في بعض الولايات الألمانية تم اكتشاف العديد من جوازات السفر المزورة. بعض اللاجئين قدموا أنفسهم في السنوات الماضية كسوريين بهدف ضمان البقاء في ألمانيا. “هذه الفترة الزمنية لم تخضع لتفكير معمق”، كما ينتقد السياسي شتيفان تومي من الحزب الليبرالي الديمقراطي، لأن من يطلب الجنسية الألمانية عليه أن يعيش ثمان سنوات على الأقل في ألمانيا. كما أن تومي ينتقد “العمل على حرمان الشخص المندمج جيدا من الجنسية، لأن ذلك غير مناسب ومبالغ فيه. وتذهب فليس بولات من الخضر إلى ما هو أبعد وتقول: “إلى جانب التحفظات القانونية الدستورية ضد مضاعفة المدة فإنها إشارة غير مقبولة ومنافية للاندماج بالنسبة للمتجنسين. طوال عشر سنوات يكون جميع المجنسين فقط ألمان تحت تحفظ”.
رابعا: التجنيس يتم ربطه “بالانسجام مع ظروف العيش الألمانية”.
حتى الآن حصل الأجانب والأجنبيات على جواز السفر الالماني إذا برهنوا على توفرهم على فترة إقامة لمدة 8 سنوات على الأقل في ألمانيا والمعرفة اللغوية ودخل شهري يضمن العيش. والمطلب الإضافي الجديد الذي تم إدراجه في ارتباط مع الزيجات المتعددة يترك مجالا واسعا للتكهنات. “هذه الصياغة تكشف عن خطوة واضحة إلى الوراء”، كما ينتقد طارق طبارة، استاذ القانون العام بجامعة الاقتصاد والقانون في برلين. فهي تذكر “بإجراءات الخمسينات حين كان التجنيس يحصل فقط في الحالات الاستثنائية إذا كان في مصلحة الدولة وليس بناء على رغبة المعنيين”.
ويرى رجل القانون منذ الآن “مجالا كبيرا نسبيا لتدخل السلطات في قضايا الهجرة”. فصياغة الانسجام مع ظروف العيش الألمانية هي “ببساطة إشارة واضحة بهذا الاتجاه والإدارات الحكومية ستفهم ذلك على هذا النحو”. وبالنسبة إلى طبارة يكون الإصلاح “أكثر من جرة قلم صغيرة تحصل في قانون الجنسية الألمانية”، فهو يُظهر “روحا معينة لسياسة فرض المزيد من القيود”.
وحتى عزيز بوزكورت، رئيس مجموعة العمل الهجرة والتنوع داخل الحزب الاشتراكي الديمقراطي لا يمكن له تفهم اعتماد هذه الفقرة ويصفها “كفقرة الثقافة الرائدة التي تنسجم مع الأجواء الحالية المدفوعة من قبل الشعبويين اليمينيين”. وأوضح أن على ألمانيا بالعكس أن تلغي العقبات الصعبة أمام الهجرة كما فعلت دول مثل كندا ويقول عن الأخيرة: “إنها بلاد هجرة يمكن الحصول فيها على الجنسية بعد ثلاث سنوات”.
وحتى موعد إدراج هذا التعديل القانوني قبل عطلة الصيف بقليل يعتبره بوزكورت إشكالية: “هناك بعض السياسيين الذين يتفادون النقاش ويريدون فرض القانون”. وأضاف:” وهذا مثير جدا ولا يخدم الثقافة الديمقراطية”.
أما استاذ القانون دانييل تيم فيؤكد على العكس مما سبق بأنه متفاجئ بالنقاش الساخن حول القانون. “هنا لا يتعلق الأمر بتوجه جديد أساسي لسياسة الهجرة”، كما يقول رجل القانون مضيفا: “هنا يتم رسم أشباح مرعبة على الجدران لا تجد لها أساس في التطبيق المعتمد إلى حد الآن”. فالموظفون البيروقراطيون لا يتوفرون على قرار تقديري لأن “الانسجام مع ظروف العيش الألمانية يمكن التحقق منها عن طريق القوانين”.
المصدر: أوليفر بيبر/ DW