الأسد أبلغ موسكو قرارا حاسماً ومفاجأة “ثمينة” جهزتها دمشق عنوان مقال لماجدة الحاج في موقع النشرة لأخر التطورات السياسية والميدانية في سوريا.
ما إن خفتت حدة التهديدات الأميركية تجاه طهران، وفي ذروة العمليات العسكرية المتواصلة للجيش السوري في ريفي حماة وإدلب والتي تخللها انجاز عسكري غير مسبوق لقوات الجيش تمثل بالسيطرة على بلدة كفرنبودة ذات الموقع الإستراتيجي الهام يوم الأحد الماضي، دخلت “اسرائيل” سريعا مرّة أخرى على خطّ الحراك التركي-الأميركي لإيقاف عمليّات الجيش السوري صوب إدلب.
وسدّدت ليل الإثنين المنصرم إعتداء جديدا استهدف تلّ الشعار في القنيطرة، قال الجيش “الإسرائيلي” انه اتى ردّا على اطلاق صاروخ من المنطقة باتجاه احدى طائراته التي كانت تحلّق بشكل اعتيادي “شمال البلاد”، دون الإعتراف بإصابة هذه الطائرة حسبما اكّد شهود عيان، وليُلحق بنبأ اسقاط إحدى طائرتَي استطلاع اسرائيليّتَين تعرّضتا لنيران المضادات الأرضيّة السوريّة –وفق ما ذكرت صحيفة “جيروزاليم بوست” العبريّة.
أنقرة التي لم تكتف منذ اطلاق الجيش السوري عمليّاته العسكرية في ريفّي حماه وادلب بدعم جبهة النّصرة وباقي الميليشيات المدعومة منها لوجستيّا واستخباريّا رغم تفاهماتها السابقة مع موسكو، دخلت بشكل مباشر في المعارك الدائرة، ودفعت بنخبة فرَقها العسكرية الى الميدان، واستجلبت مقاتلين ذو خبرات عالية من عدةّ دول واستحدثت غرف عمليّات يقودها ضبّاط اتراك.
بالتزامن، نقلت وكالة “رويترز” عما اسمته مصادر مخابراتيّة غربيّة، انّ واشنطن أوعزت لجبهة النّصرة وباقي الفصائل المسلحة المتحالفة معها، التركيز على استخدام صواريخ “تاو” لإعاقة تقدّم القوات السوريّة نحو اهدافها، كما استخدام صواريخ غراد موجّهة مضادّة للدبابات أمّنتها انقرة بكميّات كبيرة..
بالمحصّلة، انطلاق معارك كسر العضم للولوج الى ادلب، ابرزت كما كان مُتوقعا: إستماتة اميركية- تركيّة بدعم اسرائيلي “غبّ الطلب” لمنع سقوط آخر الأوراق التي يُمسك بها المحور المعادي مهما كلّف من أثمان.. وعليه، عادت ” نغمة ” استخدام السلاح الكيماوي مرّة اخرى الى الواجهة!
وفي حين بادرت واشنطن الى تهديد سورية بالرّد “بسرعة وحسم اذا ما استخدمت الحكومة السورية الأسلحة الكيميائية”، تكشف الصحافيّة الأستراليّة كاتلين جونسون، عن تقارير رصدتها اجهزة استخبارات غربيّة تؤكّد مضيّ الجيش السوري وحلفائه في عملياتهم العسكرية حتى انجاز تحرير ادلب نهائيا، فيما مرّر خبير مجلس الشؤون الدّوليّة الرّوسي انطون مارداسوف كلاما لافتا حين قال” إنّ قوات الحكومة السوريّة التي تشنّ عمليّاتها على مواقع جبهة النصرة والفصائل المسلحة المتحالفة معها، تُملي ارادتها على اللاعبَين الرئيسيَّين روسيا وتركيا ربطا بقرار سوري حاسم هدفه تحرير ادلب على ان تنطلق بعدها معارك استرداد شرق الفرات الى عُهدة الدولة السوريّة.
ليبقى السؤال: هل ستشنّ دمشق عمليّة عسكريّة واسعة النطاق صوب ادلب رغم التفاهمات العديدة بين موسكو وأنقرة؟
حريٌّ التوقف عند الرسائل التركية والروسيّة المتبادلة التي اتسمت بسخونة لافتة على وقع سير العمليات العسكرية، فإضافة الى الدّعم العسكري التركي اللامحدود لجبهة النّصرة والفصائل المسلحة الحليفة لها في وجه عمليات الجيش السوري، برزت بشكل لافت الهجمات المسلحة المتلاحقة على قاعدة حميميم، ما شكّل رسالة تركيّة واضحة ومباشرة الى موسكو، التي ردّت بالمقابل بمؤازرة جويّة داعمة للقوات السوريّة خصوصا في معارك السيطرة على كفرنبودة رغم الإنخراط العسكري التركي المباشر لمنع الجيش السوري من كسب البلدة الإستراتيجيّة، قبل ان تأت الرسالة الروسيّة التالية من منطقة تل رفعت التي تعتزم انقرة السيطرة عليها، عبر حشود عسكرية سوريّة وروسيّة صوب المنطقة، ما شكّل امتعاضا لدى الاتراك، حدا بمقاتلاتهم الى تسديد غارات
على مواقع في البلدة، كرسالة مضادة على الإنتشار السوري-الروسي المُستحدث هناك.
يكتفي مصدر في صحيفة “كوميرسانت” الروسيّة ردّا على سؤال حول الإعلان الروسي عدم نيّة شنّ عمليّة عسكرية واسعة النطاق صوب ادلب، بالإشارة الى انّ التصاريح الإعلاميّة شيء والخطط العسكرية على الأرض شيءٌ آخر، كاشفا أنّ الرئيس السوري مصرٌّ على تحرير ادلب مهما كلّف الأمر،” وهو ابلغ القيادة الرّوسيّة بقرار دمشق الحاسم، لأنّ بقاء ادلب على هذه الحال الشّاذة لا يشكل خطر استنزاف طويل الأمد على الدولة السوريّة وحسب، بل على روسيا وحضورها في سورية والمنطقة”.
على ما يبدو، فإنّ المفاجآت القادمة لن تقتصر على الجبهات الساخنة في الطريق الى ادلب، ولا حتى على مجموعة ضبّاط الإستخبارات الاجانب الذين وقعوا في شباك الجيش السوري خلال عمليّات السيطرة على كفرنبودة، ما يشكل ورقة “تفاوضيّة” هامة بيد دمشق تستطيع صرفها في الميدان..
ثمّة تقارير صحافيّة دعمتها معلومات نُقلت عن محقّق اسكتلندي سابق، كشفت عن حدث هام يجري خلف الكواليس في انقرة يتعلّق بمبادرة غير متوقّعة تجاه سورية، الا انّ اللافت برز في تقاطع تلك التقارير مع أخرى روسيّة حيال واقعة الإعتداء “الإسرائيلي” الأخير في القنيطرة، “والتي تؤشّر لمفاجأة سوريّة “ثمينة” قادمة قد يكون تمّ تجهيزُها”.. دون الخوض في تفاصيل.
المصدر: ماجدة الحاج/ النشرة